الاخوان المسلمون والانتخابات البرلمانية ما بين المشاركة والمقاطعة تلاعب بالرأي العام ومناورة مكشوفة لتحقيق مكاسب سياسية
منذ السابع من أكتوبر الماضي، تحاول جماعة الاخوان المسلمين وذراعها السياسي حزب جبهة العمل الإسلامي تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب السياسية والحزبية، في واحدة من أكثر صور الانتهازية السياسية وأبشعها على الاطلاق، متكئين على استغلال عاطفة الأردنيين وقربهم التاريخي والديمغرافي مع فلسطين.
آخر هذه المناورات المكشوفة، التلاعب بالرأي العام، وخلق أجواء ضبابية غير مفهومة حيال قرار مشاركتهم في الانتخابات البرلمانية من عدمه، وهي مناورة واضحة لممارسة الضغط على الحكومة ومحاولة لي ذراعها، واستعراض القوة عبر صناديق الاقتراع.
اعتاد الإسلاميون خلال العقدين الماضيين على اتخاذ المشاركة او المقاطعة وسيلة لتحقيق مكاسب حزبية آنية، في ممارسة أنانية لا تلقي بالاً للأهداف الوطنية للعملية الديمقراطية كتحسين واقع الحياة الحزبية وترسيخ التعددية وتشجيع الأردنيين على الحياة الديمقراطية.
اليوم يناور الإسلاميون مجدداً عبر تسريبات تتحدث عن نيتهم مقاطعتهم الانتخابات البرلمانية المقبلة والتي ستكون اول عرس ديمقراطي مختلف من حيث الشكل والمضمون، وأول فرصة حقيقية للأحزاب لإظهار قوتها وشعبيتها وحضورها في الشارع، كما انها اول انتخابات تعزز حضور الشباب والمرأة.
وكما يبدو لنا فإن ثمة مخاوف لدى جماعة الاخوان المسلمين من تحقيق نتائج متواضعة قياساً بالانتخابات البرلمانية الأخيرة، بالإضافة الى خشيتها من الحضور القوي الذي فرضته أحزاب جديدة وتكتلات وتحالفات ولدت للتو، بشكل ينهي الاحتكار التقليدي الذي مثلته الجماعة طيلة سنوات مضت، ويقلص الأحادية الحزبية.
يختبئ قادة الاخوان المسلمين خلف حرب غزة، لتمهيد وتبرير أي قرار مقبل بمقاطعة الانتخابات، ويرفعون شعار "حرب غزة حربنا" في مزايدة رخيصة على الدولة التي تخوض منذ اليوم الأول معركة دبلوماسية وسياسية للنأي بالأردن عن أي تداعيات خطيرة لهذه الحرب وتقديم يد العون للأهل في غزة ووقف الحرب ضدهم.
فهل يعني التعاطف مع فلسطين ومناصرة أهل غزة، تعطيل الحياة السياسية والحزبية والاقتصادية في بلد كامل، الحقيقة ان هذه ليست الا وصفة للخراب والدمار، لأن الأردن القوي الموحد، بجبهة داخلية متينة، واقتصاد قوي، يخدم غزة والقضية الفلسطينية بالدرجة الأولى، ويفوت الفرصة على إسرائيل لتحقيق مشاريع التهجير والتوطين واستهداف الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس.
المطلوب من جماعة الاخوان المسلمين ان تصدر قراراً واضحاً بشأن الانتخابات وان تنهي حالة" الحرد" والغموض السياسي التي تمارسها منذ عقود وان تستخدم الأدوات الدستورية القانونية في سلوكها السياسي وعبر حزب جبهة العمل الاسلامي بدلاً من اللجوء لاستغلال حراك الشارع وسيلة للضغط على الأردنيين.
اما اللجوء لمفردات من قبيل هندسة الانتخابات والتدخل بتشكيل الأحزاب فهو اتهام لا يليق، لأن نظرة متأنية للتاريخ والسياق السياسي في الأردن يدحض كل ذلك ويفنده.
الحقيقة التي لا يريد الاخوان المسلمين الاعتراف بها هي ان لديهم مخاوف حقيقية لإقصائهم من الحياة السياسية في اول اختبار حقيقي لهم. كما ان فرصهم باتت ضئيلة وهو ما يفسر احتجاجهم على التعديل الأخير الذي طال قانون الانتخاب. وثمة مؤشرات استشعرها الإسلاميون للتلويح بالمقاطعة من بينها ان هذه الانتخابات ستشهد ظروفاً وأجواء سياسية مختلفة عن الانتخابات السابقة، بالإضافة الى تغير موازين القوى بين مختلف الأحزاب وحدوث انقسامات داخلية متوقعة في صفوف الجماعة.