بداية نتفق جميعا أن الله تعالى وحده هو عالم الغيب، ولم يُطلع الله تعالى أحدًا من مخلوقاته على ذلك الغيب، حيث قال تعالى: «قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ» [النمل:65]، فليس هناك كائن لا في الأرض ولا في السماء يعلم الغيب، كما إن الإسلام حذَّر من كل مَن زعم أو ادعى العلم بالغيب، كما حذر الإسلام من الأفعال التي تفسد عقيدة المسلم، وقول رسول الله «صلى الله عليه وسلم»: «تلك الكلمة الحق» يقصد بها المعلومة الصادقة، وليس قولهم أو فعلهم.
نقول ذلك بعد أن برز في الآونة الأخيرة بعض المشاهد القاتمة والشائهة في أكثر من مشهد سوداوي، عابق بالكذب والكلام المجاني، ومن ضمن تلك المشاهد ما نراه ونسمعه، على بعض الفضائيات العربية ووسائل الإعلام المتنوعة، التي تتسابق على استضافة فئة كاذبة من الدجالين بمختلف مسمياتهم الفلكية والعبثية، ويبدأون تهريجهم.. يشّفون ويُمّرضُون ويُميتون ويُحيون ويزيلون دولاً ويوجِدون أخرى، إضافة إلى حادث طلاق هذا المسؤول، وعقد قران تلك الفنانة.. وللأسف تتسابق القنوات الفضائية والصحافة الإلكترونية، على نشر وبث الكذب والإسفاف والتدليس..!.
يا جماعة.. علينا ان نعلم علم اليقين، أن العِرافة والتنجيم وما شابههما، هي ظواهر قديمة على مر الزمن، تنشأ في المجتمعات التي يخيم عليها الجهل، والبُعد عن دين الله الحق، الذي بعث به أنبياءه، وأن تصديق المنجمين الدجالين، هو شرك وكفر، لأنه من يعلم الغيب هو الله وحده، علاوة على ان هذه التوقعات لها تداعيات خطيرة على حياة كل من يصدقها، لأنه سوف ينصدم ويتعب نفسيا لو كانت الأحداث في حياته مخالفة لهذه التوقعات الخيالية الوهمية.. ومع ذلك علينا أيضا، التأشير إلى أن بعض هؤلاء العرافين والمنجمين يتبعون لأجهزة مخابراتية خارجية، تحاول من خلالهم جس نبض الرأي العام، أو لمهاجمة دول بعينها، بتنبؤ وفاة زعيمها، أو خرابها أو تدمير اقتصادها أو اقتتال أهلها وقس على ذلك من خداع، ووهم، وحقد أيضا..!.
وعلينا أن نعلم إن ما ينشرونه من التكهنات لا تصنف إلا أكاذيب وشائعات، لأنها لا تقوم على أي أساس علمي موثوق، ولو كانوا حقاً يمتلكون مثل هذه الخصيصة أو القدرات الخارقة لنفعوا أنفسهم، ولتنبؤوا بمستقبلهم، وجلبوا لأنفسهم كل ما ينفعهم، ودفعوا عن أنفسهم كل ما يضرهم، ولكنهم في الواقع لا يعلمون من ذلك شيئاً، كما قال الله سبحانه: {قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله}.
عموما.. إن على الإنسان أن يسير على نهج إيماني عقلاني مستنير، فلا يسلم عقله إلى أهل التنجيم والتنبؤات الزائفة، موقناً بأنه لا يعلم أحد الغيب إلا الله سبحانه وتعالى، وأن وسائل الإدراك والرصد إنما تعتمد على العلم الصحيح القائم على الحجة والبرهان والدليل في أي مجال كان، وهكذا على صخور الإيمان والبرهان ينكسر زيف الزائفين وإدعاءات المنجمين.
على كل حال.. لا يوجد في هذه المنطقة كلها بلد أكثر استقراراً من هذا البلد المملكة الأردنية الهاشمية، والسبب هو وجود شعب من الصعب اختراقه، ووجود قيادة حكيمة، تقف مع كل أبناء شعبها على المسافة نفسها، وجهاز «مخابرات» على درجة كبيرة من الاحتراف الأمني والمهنية المرتفعة واليقظة المستمرة، وفوق ذلك ان الأردن بلد التسامح والمحبة، وأن الأردنيين قد يختلفون على أشياء كثيرة، لكنهم يتفقون كلهم على ان الاستقرار هو رأسمال بلدهم، وأن أمنه هو أمن كل الأردنيين.. وكفى