لاشك أن هناك فئة مريضة منحرفة تستثمر عواطف الناس، وتمارس المكر والنصب والخداع والاحتيال، بذريعة عمل الخير وجمع الأموال بحجج متنوعة، فمن يتابع المشهد سيرى كيف تكتظ لجان وهمية ومبادرات، بدعوى أنها تتبنى حملة تبرعات خيرية أو انسانية أو غير ذلك من زيف وإدعاء في أغلب الاحيان!..
وللأسف.. كثر الحديث مؤخرا عن انتشار مئات الجمعيات واللجان الوهمية الأشبه بـ»العصابات» وحتى أشخاص فرادى ينتشرون في الأسواق والمساجد ودور العبادة وعلى أبواب البيوت يطلبون التبرع من الناس لبناء مساجد ودور تحفيظ قرآن ولجان زكاة وفقراء وما شابه ذلك دون سند قانوني، حتى وصل الأمر ببعض وسائل الاعلام الفضائية بفتح باب التبرع لقضايا إنسانية دون وجود أي سند قانوني يخولهم جمع المال من العامة، بل وامتد الأمر لقيام وافدين من دول عربية بجمع تبرعات، ما يحتم علينا الاشارة لهذا الموضوع الخطير واهمية ضبطه لسد الطريق امام كل من تسول له نفسه استغلال عطف الناس وإنسانيتهم وتبرعاتهم للاثراء دون وجه حق.
وتتنوع تلك الفئات فمنها من تقوم بجمع الأموال لصالح بناء مساجد، وأخرى تجمع تبرعات لصالح مغسلة موتى، وغيرها من أجل إخواننا في بلد ما، وجماعة أخرى تجمع التبرعات من أجل دور أيتام او تأمين الملابس والقرطاسية والطعام للفقراء.. ما أوجد بيئة شجعت ضعاف النفوس على إبتكار أساليب لخداع الناس وجمع الأموال..!.
وعلى صلة.. فإن بعض هذه اللجان أو أحد أعضائها يحمل وصولات مزورة، وكتبا وشهادات مرضية غير صحيحة، تشير إلى أنها صادرة عن جهات رسمية، بهدف إقناع المتبرع بشرعية هذه اللجنة أو عملها في جمع التبرعات، بالإضافة الى منشورات مضللة تبين المشاريع الخيرية التي أنجزتها تلك اللجان، التي تمارس عملها بحرية في ظل الرقابة «الخجولة» على الحملات التضليلية العشوائية التي تنتهجها، وتتعدد مواقع العمل وتمتد الى المساجد والمستشفيات بل ومنازل الأثرياء ذلك عندما يستند ممارسو الاحتيال الى جمع المعلومات عن فلل ومنازل لكبار رجال الأعمال سواء الأردنيين أو العرب الذين يقيمون في البلاد..!.
فمن المسؤول يا ترى عن هذه الفوضى في جمع التبرعات؟.. ومن يضمن أن ما يتم جمعه من تبرعات يذهب لمستحقيه أو من أجل الغاية التي تم جمع المال والمعونات لأجلها؟.. خاصة وإن وجود هذه اللجان وبهذه الطريقة العشوائية أمر غير طبيعي، وغير مقبول ويسهل استغلالها من ذوي الأنفس الضعيفة، بحيث يصبح المواطن ضحية لفئة تستغل مشاعره الإنسانية، وتحصل على المال منه رغم أنه غير متأكد من وصول تبرعاته لمستحقيها.
ما نريد ان نقوله: يجب أن لا تنحرف عمليات جمع التبرعات عن مسارها الخيري وتصبح وسيلة هدم، إلى غايات أخرى غير سليمة، بما في ذلك عمليات الاحتيال الشخصي، ويجب أن نتأكد دائماً، قبل أن نتبرع، من أن لدينا معلومات كافية عن الجهة المستفيدة وألاَّ نتسرع في تصديق كل من يدعي أنه فاعل خير يجمع التبرعات من أجل غرض نبيل، وهذا ما يفرض على كافة الجهات الأمنية والرسمية والحكومية، مراقبة ومتابعة هذا الملف بكل ما فيه من تجاوزات ومكر واحتيال وخداع..!.