2024-12-12 - الخميس

شؤون محلية

إسرائيل تستحيل «مدمنةَ اغتيالات»: ترقّب ردٍّ من حيـفا إلى تل أبيب

إسرائيل تستحيل «مدمنةَ اغتيالات»: ترقّب ردٍّ من حيـفا إلى تل أبيب
الهلال نيوز :  
الهلال نيوز/ ليست هذه هي المرّة الأولى التي ينتقد فيها محلل الشؤون الاستخبارية في صحيفة «هآرتس»، يوسي ميلمان، تحوّل الاغتيالات الإسرائيلية إلى «هدف بحد ذاته». وفي آخر مطالعاته في هذا الصدد، اعتبر ميلمان أنه من الصحيح أن عمليتي الضاحية الجنوبية لبيروت وطهران «تمنحان القليل من الراحة والفخر للجمهور الإسرائيلي الذي يعيش حالة مزرية، وسط معاناة يومية بسبب فظائع الحرب على جبهتي الجنوب والشمال»، وهي تؤشر كذلك إلى قُدارت الاستخبارات الإسرائيلية التي سبق أن نفّذت عمليات اغتيال عديدة على مدى عقود، إلا أن اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، والقائد الكبير في «حزب الله»، فؤاد شكر، «ليس قادراً على تغيير الواقع أو قواعد اللعبة التي باتت مستقرة في الحرب السريّة الدائرة بين إسرائيل وإيران، وكذلك الحرب المتواصلة في لبنان وغزة».وفي ما سبق مؤشر إلى تغيّر أداة الاغتيالات التي «استُخدمت في السابق لتحقيق غاية، وكانت الملاذ الأخير ومحض أداة في صندوق الأدوات الإسرائيلي، كما كانت تخدم أهدافاً سياسية واستراتيجية متنوعة»، وفقاً لميلمان، الذي أوضح أنه «منذ السابع من أكتوبر تغيّر مبدأ الاغتيالات التي باتت غاية بحد ذاتها». أمّا السبب وراء هذا التبدّل فهو أن «إسرائيل تحت قيادة نتنياهو لا تملك أهدافاً استراتيجية تضمن إنهاء الحرب، بل إن نتنياهو يرغب في استمرارها من دون تاريخ انتهاء. علاوةً على ذلك، يبدو أن هدف الاغتيالات هو الانتقام وإشباع رغبات الجمهور الإسرائيلي؛ حيث وقعت إسرائيل في غرام الاغتيالات، وربما أصبحت مدمنة عليها».
وعملياً، فإن هذا «الإدمان» يؤدي إلى التصعيد؛ حيث تهدد إيران و«حزب الله» بالرّد، «ومن المتوقّع أن تستمر لعبة الفعل وردة الفعل هذه، فيما لن تسفر الضربات التي تلقّتها إيران وحزب الله سوى عن رفع منسوب عزمهما على مواصلة المقاومة ضد إسرائيل»، وهو ما ثبت بحسبه أيضاً عقب اغتيال الشهيد عماد مغنيّة في دمشق عام 2008؛ إذ اعتقدت إسرائيل وقتها أن «التخلص من مغنية سيضرّ بحزب الله بشدة، لكن لم يمضِ وقت طويل قبل أن تثبت الحقيقة عكس ذلك. لقد تطلّب الأمر بعض الوقت لتعافي الحزب، ثم أصبح تنظيماً أقوى وأكثر فعاليةً وفتكاً».
من جهته، رأى المحلل العسكري لـ«القناة 13»، ألون بن دافيد، في مقالته الأسبوعية في صحيفة «معاريف»، أن اغتيال هنية هو نتاج «قدرة عملياتية نضجت على مدار أشهر طويلة وفرصة سانحة»، غير أنه «بالنظر إلى تاريخ الاغتيالات التي نفّذتها إسرائيل، فإن قيادياً آخر حلّ مكان القيادي الذي اغتيل، فيما قلّة من الذين اغتيلوا، أبقوا فراغاً من بعدهم من الصعب ملؤه، بينهم رئيس أركان حزب الله السابق، عماد مغنية، وقائد فيلق القدس في الحرس الثوري، قاسم سليماني، على رغم أن فقدانهما ملحوظ في لبنان وإيران حتى اليوم». ويبدو بن دافيد أحد «المدمنين» أيضاً على الاغتيالات، لكنه يقترح جرعة أعلى؛ إذ بحسبه «إن كان اغتيال هنية هو عملية عسكرية منفردة، فستكون عديمة الأهمية. ولذلك على إسرائيل أن تشن حملة غضب الرب الثانية (القضاء على منظمة أيلول الأسود)، لإبادة قيادة حماس كلها، السياسية والمدنية والعسكرية».
وبالعودة إلى ميلمان، فإن عمليّتي الاغتيال، والتصعيد الذي تلاهما، يأتي كل ذلك بينما إسرائيل «تعيش أعمق أزماتها». والسبب وفقاً له أنها «دولة منقسمة؛ فالمتطرفون من اليمين المسيحاني والعنصري يحاولون نقل أساليب العنف المستخدمة ضد الفلسطينيين في الضفة إلى داخل الخط الأخضر. ويسعون لتطبيقها ضد المعسكر الليبرالي - الديمقراطي، وضد وسائل الإعلام، وضد الجهاز القضائي، لفرض تغيير في طبيعة المجتمع والنظام. وباتت الدولة تقترب من حافة حرب أهلية». وهذا المد لا يتوقف عملياً، لأنه لا توجد قيادة أخرى في إسرائيل تستطيع «استغلال الاغتيال للتوصل إلى إنهاء الحرب في غزة ولبنان، وعقد صفقة لتحرير الأسرى في مقابل «إرهابيين» فلسطينيين، وتحقيق وقف إطلاق النار، والتوصل إلى تسوية طويلة الأمد». ولأن لنتنياهو «خططاً أُخرى، فهو ووزراؤه يتحدثون عن «نصر ساحق»، على الرغم من أنهم يعرفون أن هذا الشعار وهم وهراء تامان، إذ لا يمكن تحقيق الانتصار في الحروب ضد «الإرهاب»، بل يمكن تأبيدها فحسب». وبحسب المحلل الاستخباري، فإن مخاطر اندلاع الحرب الإقليمية قد تزايدت، فيما يبعد معها احتمال استعادة الأسرى ووقف الحرب وعودة إسرائيل إلى الهدوء. أمّا الخشية الأكبر فهي أن «اتجاه التصعيد التدريجي، الذي نعيشه منذ أشهر، سينفلت من عقال السيطرة تماماً، بما يؤدي إلى اندلاع حرب شاملة، سيموت فيها الآلاف من الإسرائيليين، بل أكثر».
وبالنسبة إلى طبيعة الرد المخطط له، رأى المحلل العسكري لصحيفة «إسرائيل اليوم»، يوآف ليمور، أن اغتيال شكر «سمح لإسرائيل بالتأثير على طبيعة رد حزب الله الذي سيكون شديداً، وقد يشمل هجوماً مشتركاً لسائر أركان المحور، وإيران نفسها، لكن يُرجح أن يوجه الرد نحو أهداف عسكرية وإستراتيجية، كي لا تكون لدى إسرائيل حجة لرفع سقف القتال مرة أخرى». وذكّر في الوقت نفسه بأن إسرائيل لم تقدّر في المرّة الماضية أن ترد إيران بهجوم من 350 طائرة مُسيّرة وصاروخاً، على اغتيال القيادي في «الحرس الثوري»، رضا زاهدي، مضيفاً أن رد المحور قد يتأخر من أجل التنسيق بين أطرافه، وكذلك من أجل «طهو إسرائيل على نيران هادئة قبل مهاجمتها». ولفت إلى أن «انتظار الرد ليس أمراً جيداً لإسرائيل؛ فرحلات شركات الطيران تُلغى، والدولار يرتفع، وكثيرون يترددون جداً بشأن مغادرة منازلهم».
وعلى الأرجح، وفقاً لليمور، سيكون السقف الأدنى للرد «مهاجمة أهداف في خليج حيفا، وسقفه الأعلى أهدافاً شبيهة في تل أبيب. وبين السقفين ثمة خيارات عديدة أخرى». وبحسبه «إذا لُجمت الضربة كلها أو معظمها، مثلما حصل في نيسان/أبريل الماضي، فبإمكان إسرائيل أن تختزل الحدث كله على أنه نجاح. وإذا تلقّت ضربة مؤلمة، فإنها ستضطر إلى الرد، والتعرض لرد على الرد، وعندئذ المنطقة ستنزلق إلى عتبة الحرب الشاملة». وعلى هذا الأساس حذّر من الإصغاء إلى دعوات مسؤولين وعسكريين إسرائيليين إلى شن حرب واسعة ضد لبنان، لأن الدرس من غزة هو أن «الحرب ليست نزهة، وهي مركّبة وتستغرق وقتاً، ولها أثمان باهظة، فيما لبنان أصعب بكثير من غزة، وحزب الله أقوى من حماس، ولن يكون ثمة ضده حسم سريع وانتصارات مطلقة».

Warning: Undefined variable $cookie_name in /home/hilalnews/public_html/footer.php on line 74

Warning: Undefined variable $cookie_name in /home/hilalnews/public_html/footer.php on line 76