في تاريخ الشعوب والامم نقاط مضيئه تبقى خالده وحيه في الوجدان وفي الذاكره الوطنيه يتناقل اخبارها وامجادها جيل بعد جيل وتتعمق معانيها وتترسخ في نفوس الافراد والجماعه قيما ومثلا وانجازا – والشعب العربي الاردني يزخر تاريخه القديم والحديث بالمواقف الوطنيه والقوميه المشرفه ومعركة الكرامه الخالده واحدة من هذه النقاط المضيئه في تاريخ الاردن الحديث لما حملته من مفاهيم وطنيه في التضحيه والفداء سطرها جيشنا العربي الاردني باحرف من نور وعمّدها بدماء شهداءه الابرار تضحيات جسام دفاعا عن الثرى العربي الاردني و الانسان العربي – لقد خاض جيشنا العربي ومن خلفه شعبنا الوفي معركة فاصله جاءت بعد هزيمة حزيران عام 1967 وكانت الجيوش العربيه فيها لا تزال تلملم جراحاتها واحزانها وشهدائها وكان الاردن ضحيتها وبشهادة شرفاء الامه حين علا فيها صوت العاطفه على لغة العقل وحكمة الشيوخ – فكان ماكان – وجاءت معركة الكرامه في هذه الظروف الحالكة السواد لكي تعيد للامة قبس من نور وجزء من كبريائها وامل يستنهض فيهم مكامن القوة والمنعه فكانت بحق نقطه لتصحيح وتصويب المسار لبوصلة الصراع العربي الاسرائيلي حيث اثبتت مجريات المعركه ان مقولة اسطورة الجيش الاسرائيلى الذي لايهزم قد ولت بغير رجعه بعد ان تحطمت هذه النظريه العدوانيه التوسعيه امام ضربات نشامى الجيش العربي, وأماطت اللثام عن خفايا هذه الأسطورة الكاذبة كما أثبتت هذه المعركة أن النصر العسكري على إسرائيل ممكن و ليس مستحيلاً إذا ما توفرت الإرادة السياسية و القتالية القادرة على توجيه دفة المعركة و هذه ما أوضحته و أفصحت عنه الأيام اللاحقة في حرب تشرين المباركة ووفي حرب جنوب لبنان . لقد قاتل أفراد الجيش العربي الأردني باباء و رجولة وهم يحملون بنادقهم و اقفين يدافعون عن هذا الثرى العربي الطهور و عن نهضة الإنسان العربي فيه . يقول أحد قادة الجيش الإسرائيلي "أهارون بيلد " : لقد شاهدت قصفا شديدا عدة مرات في حياتي و لكنني لم أر شيئا كهذا من قبل و لقد أصيبت معظم دباباتي في العملية ماعدا إثنتين فقط..... نعم لقد قاتل جنودنا في عدة محاور منها محور العارضة و سويمة و وادي شعيب وغيرها بكل بسالة و رجولة و بالسلاح الأبيض و شاهدوا بالعين المجردة كيف كان العدو الصهيوني ينسحب من الأراضي العربية الأردنية و هو يجر أذيال الهزيمة و الفشل الذريع الذي لحق به من جراء ضربات النشامى في جيشنا العربي مخلفا آثار اشلاء قتلاه و معداته في أرض المعركة شاهدة للعيان هنا و هناك يجر ذيول خيبته بعد ان تم كبح غطرسته في ثمانية عشر ساعة من القتال طالب فيها المجتمع الدولي لوقف القتال وابت قواتنا المسلحة التوقف عن القتال الابعد ان يغادر اخر جندي للعدو مدحورا باتجاه غرب النهر . من هنا فإن المعركة و بما حققته من أنجازات كبيرة منها إزالة أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يهزم من الذهنية العربية و جعلت إسرائيل و القيادة العسكرية فيها بالذات تعيد النظر في سياساتها العدوانيه و البحث عن وسائل مجديه لها إذا ما أرادت العيش بسلام مع جيرانها العرب في هذه المنطقة. لقد أعادت معركة الكرامة الخالدة الثقة للإنسان العربي بقوته و إقتداره و كانت المفتاح الذهبي الممهد لأنتصارات العرب في حرب تشرين التحريرية و في معارك جنوب لبنان و في صمود ابطال غزة هاشم من بعد.اننا اذ نحتفل كل عام بذكرى معركة الكرامة لا لكي نتفاخرفحسب فهذا من حقنا ان نفخر به وبامجادنا العسكرية بهذا النصر ولكن ايضا لكي نعلم الاجيال من بعدنا قصة الكفاح ومشاقه ومرارة الهزيمة وتبعاتها وحلاوة النصر وتضحياته واماله وان هذا المواطن في هذا الوطن يستطيع ان يأمن بعد خوف من ان له درع وسيف تجسدة قواتنا المسلحة الجيش العربي في ابهى صورة وفي كل الظروف والازمان فثقتنا عالية في قيادتها التي تخطط وجنودها الذين ينفذون في رد العاديات وحماية امن المواطن والوطن معا - لقد عمدت قواتنا المسلحة سيرتها العطرة و سجلها العسكري البطولى بالنار والدم وقوافل الشهداء ومازالت كذلك محافظة على القسم والعهد والمهنية العالية في التدريب والتخطيط ومواكبة العصر علما واعدادا وتضحيات في ميادين الشرف و التدريب والرجولة و تنفيذ الواجب ,
فهنيئا لقواتنا المسلحة هذا النصر الخالد على العدو الغاصب و الرحمة وحسن المآل لشهدائنا الأبرار في هذا اليوم المشهود من أيام الوطن و تاريخة المجيد.