المحتل يخسر الحرب

بقلم: إسماعيل الشريف

جيل النكبة راح وظهر جيل الحجارة والقنابل والجيل القادم هو جيل التحرير – الشيخ أحمد ياسين

يقوم الاحتلال بنشر صور لرجال فلسطينيين مجردين من الملابس، يعدم بعضهم فيما يعذب البعض الآخر ويتم إذلال الباقين، مدعيًا أن هؤلاء هم من رجال المقاومة في حيلة لم تنطلِ على أحد، تضاف إلى مئات الأكاذيب الأخرى التي أصبحت مثارًا للسخرية.

بعد أكثر من سبعين يومًا لا يزال الصهاينة يبحثون عن انتصار ما يقدمونه لعصابتهم وللعالم، فما يقومون به ليس حربًا، إنها إبادة جماعية.

هم يكسبون الحرب ضد المدنيين ويخسرونها أمام المقاومة لأسباب كثيرة سأجملها في النقاط التالية:

1 - على صعيد الأهداف لم يحقق الكيان المحتل أيًا من أهدافه التي أعلنها عند بداية الحرب، وهي القضاء على حماس وتحرير الأسرى، فلغاية الآن الأسرى لم يحرروا وجيش الاحتلال يقصف المدنيين وجنوده مختبئون في دباباتهم، ولو أنهم سيطروا على المقاومة لرأينا جنودهم راجلين يجوبون شوارع وأحياء غزة.

2 - لم أرَ شهيدًا واحدًا من المقاومة، رأينا فقط قتل وتشويه الأطفال والنساء.

3 - صحيح أن الوضع الإنساني صعب جدًا في غزة لكنه تقريبًا بنفس صعوبة الوضع العسكري للجيش المحتل.

4 - لم يعد المحتل يقاتل أطفالًا سلاحهم الحجارة فيكسّر أيديهم. الأطفال كبروا ويمتلكون أسلحة مضادة للدبابات وصواريخ، يعملون تحت الأرض ولديهم شبكة اتصالات فيما بينهم ومع جماعات المقاومة الأخرى.

5 - لا يبدو أن همجية الاحتلال أثرت في المقاومة، ولكنها فضحت حقيقته وكشفت عن وجهه القبيح.

6 - أثبت الإعلام الغربي أنه جزء من آلة الحرب الغربية الصهيونية، يكرر الروايات الصهيونية الكاذبة، وبوجود الإعلام البديل مثل « تلغرام»، فالجميع ينتظر خطاب أبي عبيدة الموثق بالصوت والصورة والذي يتمتع بالمصداقية، وأصبح خطابه يطرح سؤالًا مهمًا للغاية: كيف يتحدث من يسمون بالإرهابيين عن أهداف عسكرية حصريًا: القتلى من الجنود والآليات المدمرة، فيما يتحدث الذين يزعمون أنهم الدولة الديمقراطية المتحضرة ضحية الإرهاب عن إلقاء أكثر من مئة ألف قذيفة سقطت كالمطر على المدنيين واستهدفت البيوت والمخابز والمستشفيات والممرات الآمنة؟

7 - لقد وحدت هذه الحرب جميع الفصائل الفلسطينية، فالحرب لا تقتصر على جيش الاحتلال الصهيوني وخماس كما يحبون أن يسمونها، أو بين المدنية والتشدد الإسلامي، فبالإضافة إلى كتائب القسام (الجناح العسكري لحماس) فهنالك على سبيل المثال لا الحصر سرايا القدس وعرين الأسود وكتائب الشهيد أبو علي مصطفى (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وهم شيوعيون) وكتائب الناصر صلاح الدين (فتح سابقا، وهم علمانيون) وقوات عمر القاسم (وهم ماركسيون) وهذه الجماعات تعمل في الضفة وغزة.

8 - أعطت هذه الحرب لحزب الله الفرصة لتفكيك «السور العظيم» الذي بناه الاحتلال الصهيوني لحماية الجبهة الشمالية، وهو نظام حماية ومراقبة إلكتروني، فلغاية الآن تم تدمير أكثر من 33 رادارا و140 كاميرا مراقبة و69 نظام اتصال و17 نظام تشويش وتم إخلاء أكثر من 80 ألف مستوطن من مستوطنات الشمال، وفقد الكيان المحتل سيطرته على الحدود الشمالية وأعطى لحزب الله أفضلية قتالية وحسما عسكريا لأية حرب قادمة.

9 - قام الحوثيون بقطع الطريق على السفن القادمة إلى الكيان المحتل في البحر الأحمر، ولن يستطيع التحالف المعلن أن يفعل شيئا فجميع الآبار النفطية في الخليج تحت مرمى صواريخهم.

10 - ينتظر الكيان المحتل مشكلات داخلية كبيرة فور انتهاء الحرب وسيزيد الانقسام الداخلي.

11 - قد ينتهي مشروع التطبيع مع المملكة العربية السعودية بالإضافة إلى علاقات فاترة مع دول الجوار وعداوة عظيمة مع الشعوب العربية.

12 - الكراهية المتزايدة من قبل شعوب العالم، وتراجع الصهيونية وسط الشباب اليهود لا بد أن تنعكس على اختيارهم لساستهم.

13 - علاقات سيئة مع روسيا، ولن يستطيع الاحتلال ضرب إيران بمساعدة الولايات المتحدة.

14 - التصريح والدعم غير محدود من الولايات المتحدة بدأ بالفتور فقد أثر سلبًا على بايدن وأظهر قبح ونفاق الولايات المتحدة.

15 - عجّلت هذه الحرب في تراجع هيمنة الولايات المتحدة في العالم وفي منطقتنا مما سينعكس حتما على الكيان الصهيوني وإضعافه.

وفيما يبدو أن الكيان الصهيوني في طريقه إلى هزيمة استراتيجية حذر منها وزير الدفاع الأمريكي، فقد أراد لها أن تحقق نصرًا تكتيكيًا فشلت في تحقيقه لغاية الآن، وإزاء هذه الهزيمة الاستراتيجية القادمة أصبح الحلم الفلسطيني بتحرير مقدساتهم ودولتهم على أرضهم التاريخية قابلًا للتحقيق، بعد أن افتضح جيش الاحتلال فما هو إلا نمر من ورق، وما زالت الولايات المتحدة تكذب بحل الدولتين والصهاينة يعيشون وهمًا لن يتحقق.