ونحن نحتفل بمئوية دولتنا العزيزة، تطفو على السطح بعض النقاشات المرتبطة بإنجازات نجهر بأصواتنا فخراً بها، وثغرات يعتقد البعض أن الوقت غير ملائم لإثارتها، بينما يرى البعض أهمية الإضاءة عليها بهدف إدماجها في العملية الإصلاحيّة التي لا يختلف على أهميتها اثنان. والتي يفترض أن تطال كافة الجوانب من سياسية واقتصادية واجتماعية.
ولان امتلاك المسكن يتصدر اهتمامات الأردني، باعتباره ملفاً اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً في آن واحد، فإن مسألة «المقار الحكومية» تحتل موقعاً بارزاً في اهتمامات الشارع، الذي يرى أن امتلاك الوزارات والمؤسسات لمقارها يعني تخفيفاً من أعبائها، وقدرة على توجيه المبالغ المخصصة للأجور لأغراض خدمية تنعكس عليه.
الملف الذي أشغل العامة، انشغلت به حكومات عديدة، فقد اجتهدت بعضها بضرورة توفير مخصصات لإقامة المقار الحكومية، واستندت في ذلك إلى تقرير صدر في العام 2010 يقدر إيجارات المقار بمبلغ 11 مليون دينار سنوياً. وهو التقرير الذي قيل لاحقا إنه لا يشمل كافة محافظات المملكة، كما أنه لا يشمل المدارس والمراكز الصحية وبعض الدوائر ذات الطبيعة الخاصة.
وفي العام نفسه اجتهدت الحكومة بأن استئجار المباني أقل كلفة من إقامتها، وأصدرت قراراً بعدم إقامة أبنية جديدة، للحفاظ على مستوى الدين العام ضمن حدوده الطبيعية وبما لا يزيد على 60 بالمائة من الناتج الإجمالي.
وزادت على ذلك قراراً يقضي ببيع بعض الأبنية مرتفعة التكاليف ومنها ـ على سبيل المثال ـ مبنى مؤسسة المواصفات والمقاييس في منطقة دابوق، والذي بلغت كلفة إقامته أكثر من 25 مليون دينار، ومبنى وزارة البيئة في أم أذينة والذي بلغت كلفة شرائه مليون دينار وذلك بسبب فخامة المبنى ووجود طابق أرضي لـ"الجاكوزي» والسباحة والرياضة، وهذا الطابق غير مستخدم، ولا حاجة للوزارة به.
ثم تطوعت أمانة عمان الكبرى لإقامة مجمع للدوائر الحكومية في منطقة عبدون بكلفة 1400 مليون دينار، واستملكت لهذا الغرض 450 دونماً قدرت كلفتها بمبلغ 140 مليون دينار، إلى جانب مئة دونم أخرى تملكها الأمانة.
ومن الطرائف أيضاً، إقدام الحكومة على استئجار مقر لوزارة الزراعة بأجرة سنوية 450 ألف دينار. ويتكون المبنى التجاري الواقع على شارع رئيسي من عدد كبير من المخازن التجارية وفوقها 2 ـ 3 طوابق.
وخلال ما يقرب من عقدين من الزمان تعاقب على الوزارة ـ في نفس الموقع ـ الكثير من الوزراء، وكتب الكثير من المقالات التي تتحدث عن عدم ملاءمة الموقع. فتوجهت الأنظار الى طريق المطار لإقامة مقر لها. وبعد إنجاز المبنى الذي تميز بفخامته، تقرر أن يتم إشغاله من قبل وزارة الخارجية.
قبل يومين علمت أن وزير الزراعة المهندس خالد الحنيفات قد علق الجرس، وأن الوزارة تستعد للرحيل إلى مبنى جديد بالقرب من مستشفى الملكة علياء، تم الحصول عليه بطريقة التأجير المفضي إلى التملك. بحيث تدفع الوزارة أجرة المبنى لسنوات محددة قبل أن تنتقل ملكيته إليها.
وهي الخطوة التي تستحق التقدير والاحترام. وأن تعتمد على نطاق واسع، بحيث تمتلك كل وزارة مقرا لها بنفس الطريقة.