أعتقد أن القهر ثقافة لا يفصح أصحابها عنها -غالباً - لأن معظمهم يخشى من التعبير والآخر لا يجيد هذا الفن ، كثيرون منا يعيشون يومياً حالة أو حالات من القهر، فالمواطن الأردني يعاني كثيراً، فهو يعاني في العمل ؛ ربما من طبيعته أومن مدير غير عادل ، أو من تخصصه الدراسي البعيد عن هواياته أو بما كان يطمح اليه أو من ظروف العمل غير المهيء أو قلة الدخل المادي مقارنه بعدد ساعات العمل فيولّد لديه قهر كبير محزن ودائم، ويعاني أيضًا في الطريق ؛ من الأزمه ومن شبكة المواصلات ورداءة الطرق ومن ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وارتفاع تكلفة المواصلات العامة فيتولد لديه أيضاً قهر من نوع آخر، ويعاني من القهر لدى مراجعة أي دائرة رسمية من البيروقراطية والواسطة والمحسوبية والإجراءات المعقدة والشعور بالدونية فيزداد لديه الشعور بالقهر ويتراكم مع القهر الموجود مسبقاً في داخله .
وربما أنه يعاني من مشاكل أسرية سببها احياناً نقص المال وتغير الأجيال ، إلى الحسد على اللاشيء إلا على الآخر والكره الدفين والحب المتصنّع، ومن سوء تعامل الأبناء وسوء ظن الآخرين فيزيد ذلك من كمية القهر الموجودة لديه حتى ليصبح القهر دفيناً في كل خلايا هذا الإنسان ، فتلاحظ ردود فعله الغريبة واللامبالاة الكبيرة الموجودة لديه وحالة اليأس التي قد تؤدي به إلى الانتحار ليأسه من تغيير الواقع لأن الظلم أو القهر الموجود لديه لم يصدر عن جهة واحدة أو شخص واحد وإنما هو متعدد المصادر لذلك مطلوب منه لينتصر لقهره أن يحارب على جبهات عدة قد لا يملك هو القدرة عليها، لذا فهو يقع فريسة لهذا القهر الذي يستولي على إرادته وطموحه ويحد من تفكيره.
وعند مناقشة معظم الأشخاص تجد كمية كبيرة من الناس ومن التعبير لذا فإن ردود فعلهم تجاه أي حدث مهما كان غريباً أو متطرفاً تجده بارداً لا يشكل أي خطر أو ضرر على الجهة المعتديه.
ولكن إذا ما كانت ثقافة القهر حالة عامة وأصبح المقهورون يشكلون الكم الأكبر من المجاميع فهل سيتحد هؤلاء في يوم ما مثلاً ليعبروا عن قهرهم ويرفضوه! أم أن اعدادهم ستزداد وسيبقون كما هم دوماً دون قدرة على التعبير أو الرفض أو الاعتراض!!