فوق روابي عمان، ومن روابيها الجميلة، وقمم جبالها الشامخة، يشرق مسجد أبودرويش بحلله الرائعة ومآذنه التي تبث فينا الروحانية بنداء التوحيد، من أعلى جبل الأشرفية، الذي يرنو نحو وسط المدينة ومحيطها..
ومسجد أبو درويش، الذي يعتبر من أعرق مساجد العاصمة، حيث يعود تاريخ بنائه إلى العام 1962 ويجسد الطراز المعماري للمسجد فن العمارة الإسلامية التي جمعت بين المملوكية والعثمانية من حيث التجانس والتناغم في هيكل البناء الذي مزج بين اللونين الأبيض والأسود، بصورة جذابة وفريدة، إضافة إلى البساطة في التصميم التي تسهل عملية التنقل بين أرجائه.
ولا شك أن هذا المسجد يعتبر تحفة معمارية تراثية حقيقية، ويعود سبب تسميته «ابودرويش» تيمنا بمن قام بتشييده، المهندس الزراعي الحاج حسن مصطفى الملقب بـ»أبو درويش الشركسي» الذي كان يقطن عمّان، وقد حرص على رسم المخططات الهندسية للمسجد بنفسه، بالإضافة إلى الإشراف على إحضار الحجارة اللازمة في بنائه من اجود انواع الحجر المعاني من مدينة معان في الجنوب الأشم، دون ان نغفل عن ان هذا الشركسي التقي «ابودرويش» حرص على جلب أجود وأفخم انواع السجاد العجمي من إيران لفرش أرضية المسجد.
وتشير المعلومات الى أن «أبو درويش» عمل مقاولا للبناء في منطقة العقبة، ثم مسؤولا عن صيانة خط التابلاين، وعندما نقص المال لإكمال بناء مئذنة المسجد وبعض مرافقه، قام ببيع قطعة أرض كان يملكها في المفرق، واستطاع بذلك إتمام بناء المئذنة التي يبلغ ارتفاعها 36 مترا من سطح المسجد، وعدد درجاتها 83 درجة.
كما إن الحاج «أبو درويش» الذي توفي في شهر رمضان العام 1981 كتب وصية بوقف المسجد والمكتبة التابعة له لله تعالى، ومنذ وقفها أصبحت تابعة لدائرة قاضي القضاة، وتشرف على شؤون المسجد لجنة إدارية يعينها قاضي القضاة.
ويحتوي المسجد على مكتبة دينية تضم ما يزيد على الثلاثة آلاف من أمهات الكتب، إذ كان أبو درويش حريصا على تزويدها بما يتوفر من كتب قديمة وشرائها لوضعها في مكتبة المسجد العماني العريق.
مجمل العشق: سيبقى مسجد ابودرويش بعطره الروحاني وشموخه وجماله وصدى صوت نداء التوحيد ينطلق من مآذنه ليسيج عمان بالسكينة والإيمان و:
بارك يا مجد منازلها والأحبابا.. وازرع بالورد مداخلها باباً بابا