في الذكرى السنوية الرابعة والعشرين على رحيل العزيز الغالي أخي نبيل يوسف المعشر ' أبا يوسف '
فبماذا أرثيك يا نبيل ، وماذا اكتب عنك بعد هذي السنيين من الغياب أاكتب بدموع تسح من الجفون أم بآهات القلب تئن ليل نهار تذكر تلك الأيام .
وهي هاي الأيام والسنين تطوي بعضها بعضا والأماكن ثابتة كأنها تناديك من السلط وعمان وكل المناظر ، أعلم أنك لا تسمعنا ؛ ولكنه صدى بوح في الحناجر يتردد صباح مساء في كل خاطر .
ما زالت صورتك الخالدة في القلب والعيون تمزّق جدران الصمت وتنادي اين الذين رحلوا وتركوا فينا كل هذا الألم ؟ .
ما زالت الذكرى تلون أحرفي وتبكي صمتي وتعلن ان الدنيا بعدك صمت واحزان وظلام سرمدي ، فقد كنت ضوءها المنير ودنياها الجميلة .
أخي نبيل في ذكرى وفاتك تشتعل الأحزان إذ ليس هناك أشد قسوةً وألماً على فراقك ، فقد كنت الصديق الصدوق الحبيب الأقرب لروحي وعروقي ، واعلم ان الموت طوى بعدك ملايين البشر ، وهو حقٌ على كُلِ إنسان ، إلا أنّهُ الأقسى والأصعب والأفجَع على النفسِ ، ولا يبقى لنا سوى تلك الذكريات التي كانت تجمعني بك .
أخي وصديقي كم أفتَقِدُكَ ، يا أَرقُ وأَنقى قلب عرفتُه ، أنا أتألم كلما اتذكرك ، وأبكي بلا صوت ، نارٌ في صدري بلا لَهب وقودها ذِكراك وها هي سنة تلو أخرى ، وها هو الزمن يطوي حقبة من العمر كنت فيها من انبل البشر الذين عرفتهم ، واليوم وانا أتذكرك في هذا الصباح اتذكرها تلك السنوات والايام الواحدة تلو الأخرى ، وفيها من الخواطر والحب والوجع ما تجلب الحزن والألم وطول الرحيل ، وها هي الذكرى تلوح من بعيد لتقول ما اقسى الفقد والرحيل ، وكأننا في قطار العمر نمضي الواحد منا يودع الآخر ، ينزل نبيل في محطته الأخيرة ، ونحن ما زلنا نهرب في المحطات ؛ لكننا لا ننساك ، ولا نهرب من تلك اللحظة ؛ لان للموت رهبة وألم وشعور حزين بالفقد ، ذهبت وتركتنا وحدنا لكي نبكيك مدى الدهر ونذرف الدمع في ذكرى الوداع .
يا صديقي وشقيق روحي كم اشعرني فراقك بالألم والحزن وبنهاية الكون والحياة حين فارقتني روحك الطاهرة العزيزة .
لماذا يا صديقي ذهبت بهذهِ السُرعة ، لحظاتٌ وكأنك لم تكُن هُنا ، كأنك لم تأتِ ولم أعرفك ، وكأنك لم تدخل إلى هذهِ الدُنيا ، آلمني فُراقَك يا نبيل كسر أوتار القلب وأحرق جمال الحياة ، وكل ليلة تأتيني ذِكراك ، في لمحِ البصر تَمُرُ كُل المشاهد دَفعةً واحدة ، ولا أدري هل تتسابق لتواسيني ، أم أنها تخشى من أن تطولَ لحظاتِ الألم فتقتلني .
يا نبيل لا أدري بما أعزي بهِ نفسي ، سنوات مضت ، سنوات رهيبةٌ مَرَت علي كأنها جبالاً تجثم على صدري .
يا نبيل وها انت في العالم الاخر من هذا العالم هل سألتقي بك؟ ، يا لِهذا العالم ، ويا لِهذهِ الدنيا ، انقطعت عنها وتقطعنا عنك ، أدعوَ الله أن تكون مِن أهلِ الجنة .
لقد رحل الصديق الصدوق ورحل معه الإخلاص والوفاء ، وعزاؤنا انه ترك لنا إرثًا لا ننساه في أهله وأحبابه ونهجا في العمل والإخلاص نسير عليه .
رحلت يا نبيل وتركتنا نُصارِع أمواج المآسي وذكريات الأحزان ، وستبقى يا نبيل نبع حبًا نرتشفه كلما حانت ذكراه وكلما لمع في لقلب اسمه .
يا نبيل كم اشتقت لك .. كنت توصيني ان انتبه لنفسي كثيرا" ، يا ليتني استطيع ان اخبرك بأنني فقدت نفسي عندما غبت .
رحمك الله يا نبيل رحمة واسعة ، ونم قرير العين فما زلنا نعيش على ذكرياتك لا ننساك ، وستظل ذكراك محفورة في القلوب والوجدان .