الاطماع الصهيونية لا تقف عند حدود الرابع من حزيران ١٩٦٧ ولا عند المساحة الواقعة بين النهر والبحر فهم يرون ان الضفة الغربية للنهر لهم والشرقية لهم أيضا لكنهم يتبعون سياسة القضم والهظم المرحلي والممنهج يتطلعون الى جلعاد وحسبان وحوض نهر الزرقاء باعتبارها اجزاء من مملكة داود .يطالبون بخقوقهم في خيبر والموصل وكل ذلك ضمن خطط واستراتيجيات ومواقف محددة ومرسومة .
الاسرائيليون ومعهم كل الاصدقاء والانسباء والاقرباء كانوا يعدون المنطقة لجولة جديدة للاجهاز على القضية الفلسطينية بعدما انهكت قوى الامة العربية وجرى تجريدها من اسس النهوض والبناء واخافتها من شبح ايران واقناع زعاماتها بان الطريق الى البيت الابيض تمر عبر تل ابيب.
بخطوات ممنهجة جرى دك وتدمير القوة العربية بعدما أدخلت المنطقة في نفق الربيع العربي اوما نتج عنه من انهيار او تعطيل لبعض الانظمة وخلق مزيد من الفوضى وتيسير نهب موارد العديد من البلدان او الاستيلاء عليها من قبل القوى الاستعمارية.
صورة الشرق الاوسط الجديد الذي تحدثت عنه إدارة الرئيس جورج بوش و بشرت به كونداليزا رايس اخذت تتشكل في محيط خمدت فيه الأصوات التقليدية لقوى الممانعة العربية وتولدت فيه قيادات جديدة بتطلعات واحلام ما كانت لتكون لولا التجريف والحت الذي احدثته الفوضى الخلاقة فكثير مما يحدث على الساحات العربية يصعب فهمه خارج اطار هذه الفوضى لما له من خواص اقل ما يقال فيها بانها لا تنسجم مع تطلعات الشعوب ولا تحاكي اوركولوجيته الثقافية.
لقد بدت نتائج الفوضى الخلاقة واضحة في الخريطة التي عرضها نتانياهو خلال كلمته في الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة في نهاية شهر سبتمبر ٢٠٢٣ . في الخريطة التي تكلم عنها نتانياهو بزهو وغرور بين للعالم ان بلاده واستراتيجياتها نجحا ايما نجاح في استمالة واقناع المزيد من الدول العربية للدخول في علاقات تطبيع كامل او جزئي مع الكيان دون الحاجة الى اشتراطات حل القضية الفلسطينية.
فقد تفاخر بأن اسرائيل تتوسط عالما عربيا يحمل اتجاهات جديدة وغير معادية لإسرائيل ملمحا الى ان حملة تغيير واستبدال القيم والرؤى هو الأسلوب الذي علينا اتباعه . نعم ، بالنسبة لنتانياهو وبوش وكل معسكر الصهيونية الامريكية هناك قيم غير القيم التي نؤمن بها ومنطق غير منطقنا .ومن المهم اعادة برمجة عقولنا واحداث الفوضى في منظومتنا الثقافية لاستبدال قيمنا بقيم جديدة .
لكل هذا وجب علينا ان نشكر السنوار واصحاب السنوار وال غزة وجماهير المجاهدين الذين ضحوا ليضعونا أمام هذا السيل من الحقائق الصادمة وليزيلوا عن أعيننا الغشاوة ويستأصلوا من عقولنا الوهم بأننا نتعامل مع عدو اعتقدنا ان من الممكن أن نقيم معه علاقة وان يراعي الذمة والضمير.
في اسابيع قليلة تحولت أنظار العالم الى الشرق الأوسط لتلقي نظرة جديدة على قضية شعب تعرض لكل أشكال القتل والتهجير والتعذيب ، وتواطأ الجميع على قمعه وسلب حقوقه وطمس هويته الى ان جاءت المقاومة الإسلامية لتبعث في النفوس الامل وترسم ملامح غد يليق بكرامة وانسانية ونضالات هذا الشعب.
نعم ، لقد استطاع السنوار ومحمد ضيف وابو عبيدة ورجالات الجهاد الإسلامي وصحبهم من المقاومين وشعب غزة العظيم بتصديهم وصمودهم ان يكشفوا للعالم وبما لا يقبل الشك زيف القيم والمواقف التي تتبناها الانظمة والأحزاب الغربية الحاكمة التي تدعي الديمقراطية وتتبنى قيم الحرية وحقوق الإنسان وتقول بانها تؤمن بحقوق الجميع في الحرية والكرامة والحقوق دون اكراه او تمييز.
لم يتصور احد منا قبل العدوان على غزة ان في الثقافة الغربية مثل هذا الحجم من الكذب والتضليل.فلقد تبين ان كل ما يقوم به الاحتلال الغاصب من تعديات يجري ضمن مخطط يتفق عليه اركان النظام المستند الى ايدلوجية لا ترى في هذا الجزء من العالم بشرا يستحقون الحياة . فهم يولولون وينددون ويرسلون حكامهم وحاملات الطائرات والبوارج والقنابل الحارقة والخارقة لحماية أمن الكيان وضمان تفوقه وردع كل من يفكر باقلال راحته. ويجمعون على ان من حق الكيان الدفاع عن نفسه بشتى الوسائل وبلا مساءلة او قيود حتى وان دمر كل المدن والمخيمات والمدارس والمستشفيات وقتل كل الأطفال والنساء فهؤلاء بالنسبة لهم اضرار جانبية.