2024-12-04 - الأربعاء

شؤون محلية

على "كف عفريت"..!

على كف عفريت..!
الهلال نيوز :  
كتب: عامر طهبوب
يبدو أن إسرائيل فقدت كامل صوابها، ولم تعد تعرف ماذا تريد، ولا تجيد الإجابة على الأسئلة؛ هل تستجيب لضغوط وقف إطلاق النار، وقف دائم أو طويل المدى، وإذا كان الجواب نعم، فإنها مجبرة على مواصلة عمليات التبادل التي تروق لواشنطنالتي تسعى إلى إدامة الهدنة لفترة أطول، تتمكن فيها أيضاً من إدخال مزيد من المساعدات إلى قطاع غزة، وفي هذه الحالة فإن إسرائيل ستصل إلى مرحلة تبادل الجنود والضباط الذين تحتجزهم فصائل المقاومة، وهذا يعني أن تدفع تل أبيب ثمناً باهظاً قد يصل إلى تبييض كافة السجون في المعتقلات الإسرائيلية.

وإذا سارت إسرائيل في هذا الدرب، فإن أي صفقة نهائية لن ترضى حركتي حماس والجهاد الإسلامي، أن تتم على حساب تسليمهما البندقية، وتحويل غزة إلى مدينة منزوعة السلاح، ولن تقبل حماس بموجب صفقة من هذا النوع، أي سيطرة أجنبية أو عربية على القطاع، بل إنها لن تسمح للسلطة الفلسطينية بالعودة إلى غزة.

وأما إذا قررت إسرائيل استئناف عدوانها، وتوجيه ضرباتها إلى جنوب القطاع كما شماله ووسطه، فإن أعداد القتلى من الفلسطينيين سيكون كبيراً رغم تحذيرات واشنطن وقلقها الذي عبر عنه الأحد الماضي الرئيس الأميركي في اتصال مع رئيس وزراء إسرائيل، وإذا واصلت عملياتها في الجنوب، فإنها ستعمل عنوة على تحقيق أهدافها في "الترانسفير"، والذي ترفضه الولايات المتحدة، والدول الأوروبية، والعالم أجمع، وتتخذ منه مصر موقفاً حازما،ً باعتباره تعدياً على أمنها القومي، وربما يعد حرباً غير معلنة على مصر.

وإذا عادت إسرائيل إلى الحرب، فإن حجم خسائرها من الجنود والمعدات سيتضاعف مرات ومرات، لأنها ستضع المقاومة في خياري الحياة أو الموت، وعندها فإن المقاومة ستسبسل في الدفاع عن نفسها كما لم تفعل من قبل، ولكن انفراط الجبهة الشمالية في سياق هذا السيناريو، سيصبح حتمياً أو شبه حتمي، وعندها فإن المنطقة ستعيش حرباً أقليمية تؤدي إلى مزيد من الدمار وفقدان الاستقرار بالكامل.

وفي غضون كل ما جرى في غزة في الحرب والهدنة، فإن الأوضاع في الضفة الغربية تنهار يوماً بعد آخر، إذ لم تمر ليلة منذ السابع من أكتوبر إلا وشهدت بلدة فلسطينية أو أكثر، اقتحامات، واعتقالات، واشتباكات، ووقوع قتلى وجرحى في صفوف الفلسطينيين، وزاد من الطين بلة، تسليح المستوطنين من قبل وزير الأمن القومي، وزاد الأمر تعقيداً تصريح بنيامين نتنياهو شخصياً اليوم، أن تسليح المستوطنين يبدو أنه يجدي، معبراً عن تأييده لفكرة التسليح.

الضفة الغربية على فوهة بركان، وتقترب من الانفجار، ووصل فيها الاحتقان إلى عنق الزجاجة، وهذا سيؤدي بالضرورة إلى مواجهات ستسعى إسرائيل إلى تصعيدها، وإذا رفعت من وتيرة الاعتداءات والقصف بالمسيرات إلى ما هو أكثر عنفاً وشراسة وجنون، فإن جبهة في الضفة الغربية ستنفتح، وإذا انهارت أوضاع الفلسطينيين في ظل حرب إسرائيلية مفتعلة، فإن سيناريو التهجير من الضفة الغربية إلى الشرقية، سيكون هدفاً لإسرائيل، كما هو الهدف في غزة وجنوبها.

كل ذلك يعني أننا في الأردن، نحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى أعلى درجات التلاحم في وحدة وطنية تتناغم فيها الأصوات، ويصطف فيها الشعب الأردني على اختلاف مشاربه، وراء القيادة الهاشمية الرشيدة والحكيمة، ووراء الجيش العربي الباسل، والقوى الأمنية والوطنية لمنع إسرائيل من تحقيق أهدافها في التهجير، لا في الأردن، ولا في مصر، وتلك احتمالات، لكن الاحتمال الأكبر هو أن تلجم إسرائيل من قبل واشنطن، والمجتمع الدولي، والمحيط العربي الذي ظهر في هذه الأزمة بشكل أكثر تماسكاً وتعاضداً وفهماً للأحداث، وأكثر ديناميكية في التعامل مع الأخطار والمستجدات.

الثابت هو أن إسرائيل لا تعرف ماذا تريد، ولا تعرف فيما إذا كانت ترغب في النزول عن الشجرة، ولكنها لا تعرف كيف تبقى معلقة عليها، ولا تعرف إذا كانت راغبة في النزول عنها، وكيف تنزل، ومن ينزلها، والثابت الذي لا تراه إسرائيل، أنه لا يمكنها القضاء على حركة حماس وذراعها العسكري، ولا يمكنها تحرير أسراها من العسكريين عنوة، إلا إذا استغنت عن حياتهم، واعتمدت على "هانيبال"، وتلك حكاية أخرى، ستضع المنطقة إذا استمرت الحرب "على كف عفريت".


 

Warning: Undefined variable $cookie_name in /home/hilalnews/public_html/footer.php on line 74

Warning: Undefined variable $cookie_name in /home/hilalnews/public_html/footer.php on line 76